ي العشرين من ديسمبر من السنة الماضية أصدر قاضٍ أمريكي بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة حكما بأن تدريس النظرية المسماة التصميم الذكي(1) في المدارس الحكومية (وهي نظرية معارضة لنظرية التطور) أمر مخالف للدستور. وكان السبب الذي علل به حكمه هو أن النظرية نظرية دينية لا علمية؛ لأنها تشير إلى الخالق.
مـاذا تـقول هذه النــظرية؟ وعـلامَ يـدل هـذا الحـكم؟ ثـم مـا العلاقة بين الداروينية والمعتقدات الدينية؟
هذا ما سنعرض له بإيجاز في هذا المقال.
أما النـظرية فـإن أكـثر مـن اشتـهر بها من علماء الأحياء في الأيـام الأخـيرة، ودافـع عنها دفـاعاً علمـياً أقـر به خصـومه، هـوMichael Behe الأسـتاذ فـي عـلم الأحياء الكيـماويـة فـي كـتاب لـه صـدر فـي عـام 96 بـعنـوان (صـندوق دارْوِن الأسود: التحدي الأحيائي الكيماوي للتطور)(2).
قال المؤلف في كتابه هذا إن الأحياء الدقيقة مثل الخلية كانت بالنسبة لدارْوِن أمراً مجهولاً ـ صندوقاً أسود لا تعرف محتوياته، وأن نظريته لا تفسر أشياء مهمة مثل الخلية التي هي أساس الكائنات الحية. وكانت حجته الجوهرية أن تركيب هذه الكائنات يدل على أنها لا يمكن أن تكون قد تطورت، وأنها صممت منذ البداية لتؤدي وظيفتها، وأنه لا بد أن يكون قد صممها مصمم حكيم(3).
وذكـر فـي كتـابه بأن دارْوِن نفسه كان قد قال إنه إذا أمكن أن يقـام دليـل علـى وجـود كـائن حـي مركب ما كان من الممكن أن يتكون من تغيرات كثيرة طفيفة متتالية، فإن نظريتي ستنهار انهياراً كاملاً(4). ما طبيعة هذا الكائن الأحيائي الذي تنطبق عليه هذه الصفات؟ يقول المؤلف بإيجاز: إنه النظام المكون من أجزاء متفاعلة متوائمة يسهم كل منها في الوظيفة الأساسية للنظام، بحيث إنه لو أزيل واحد منها توقف النظام عن العمل. إذا وجد نظام أحيـائي بهذه المثابة فإنه سيمثل تحدياً عظيماً للداروينية؛ لأن الاختيار الطبيعي إنما يعمل على كائنات فاعلة، ومثل هذا الكائن لا يفعل، لا يؤدي وظيفته إلا إذا اكتمل تركيب أجزائه كلها.
وأعطى في مقدمة كتابه فكرة مبسطة لمفهوم التركيب المعقد الذي ليست له أجزاء بسيطة. ضرب المؤلف مثلاً لنوع هذا التركيب بشَرَك اصطياد الفئران. هذا الشَّرَك مركب من خمسة أجزاء لا يعد أي منها شركاً في مرحلة بدائية؛ فالقاعدة الخشبية مثلاً لا تؤدي وحدها أي وظيفة من وظائف الشرك، وكذلك الحال بالنـسبة للزنبرك وسائر الأجزاء. إن هذه الأجزاء لا تكون شَرَكاً إلا بتركيبها هذا التركيب المعين الذي قصد منه أن يجعل منها شركاً. وقد استمع القاضي إلى شهود انتقدوا النظرية على أساس علمي. لكن القاضي لم يعتمد في حكمه على مثل هذه الشهادة، بل اعتمد على أيدولجية مادية إلحادية شاعت في عصرنا حتى صارت جزءاً من مفهوم العلم. فحوى هذه الأيدلجية هو أن الكون الطبيعي كون مكتفٍ بنفسه؛ فالتفـسير العلمـي لمـا يحـدث فيـه يجـب أن يكـون بـأسـباب مـن داخله، وأن كل إشارة إلى سبب فوق الطبيعة، كتعليل الحوادث بقدرة الله ـ تعالى ـ تعليل غير علمي. وقد عبر أحد الشـهود، وهـو أستـاذ مختص بفلسفة العلوم عن هذا الرأي؛ إذ قـرر أنـه بمـا أن القضـية الأسـاس لنـظرية التصـميم هـي أن معالم العالم الطبيعي أحدثها كائن متعال غير مادي وغير طبيعي؛ فإن نظرية التصميم هي قضية دينية بغض النظر عن كونها سميت بهذا أو لم تسمَّ(1).
أنا لم أستغرب حجة القاضي هذه؛ لأن هذا هو المفهوم الشائع للعلم، وهو مفهوم فلسفي واعتقادي غالط لا علاقة له بالعلوم، كما كان بعضنا قد قال ذلك منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وبنوا عليه الدعوة إلى ما سمي آنذاك بأسلمة العلوم. ولم يكن القصد من الدعوة إلى الأسلمة أن نغير الحقائق العلمية كما ظن بعض من اعترضوا على الفكرة؛ لأن ديننا يقوم على الحق، فلا يحتاج إلى تغيير حقيقة مهما كان نوعها. هو أن توضع الحقائق كلها الطبيعية والاجتماعية والنفسية في إطار إيماني بدلاً من الإطار المادي الإلحادي الذي توضع فيه الآن، والذي يؤدي إلى جعل الدين بالضرورة أمراً مخالفاً للعلم الطبيعي. فالقول بالإلحاد ـ هو كما قلت ـ اعتقاد لا علاقة له بالعلم، ويمكن لذلك أن يضاف إلى كل نظرية علمية. فكلما اكتشف العلماء سبباً طبيعياً لظاهرة من الظواهر الكونية عزوا سببها إلى ذلك السبب الطبيعي، وزعموا أنه يغني عن القول بوجود خالق، هذا اعتقاد قديم وليس من العلم الحديث في شيء. فالذين روى الله لنا قولهم: {نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] كانوا يعتقدون مثل هذا الاعتقاد، والذين فسروا التاريخ بقولهم: {قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ} [الأعراف: 95] كانوا أيضاً منكرين لوجود الخالق معتقدين أنه ليس وراء حوادث الكون مدبر وأنها تقع خبط عشواء.
أمـا المؤمنـون فإنـهم لا ينكـرون فاعلية الأسباب الطبيعية(كما قال شيخ الاسلام فالله يخلق السحاب بواسطة الرياح)، أو المقدرات البشرية. هل رأيت مؤمناً ينكر أن الطعام يغذي، والماء يروي، والدواء يشفي؟ لكنهم مع اعتقادهم بفاعلية الأسباب إلا أنهم مؤمنون بأن لها خالقاً هو الذي جعلها أسباباً، وأنه لا تنافي بين فاعلية الله وفاعلية الأسباب الطبيعية أو فاعلية الإرادة البشرية؛ لأن الله ـ تعالى ـ هو الذي خلق الأسباب وجعلها أسباباً، ولأنه ـ سبحانه ـ من عادته أن يفعل بالأسباب كما كان علماؤنا يقولون.
انتهى
منقول عن موقع المشكاة الاسلامية
سر الحياة والتصميم الذكىIntelligent design : ( او تقدير حكيم)
لقد عجز علماء الحياة عجزا تاما عن تخليق المادة الحية (protoplasm ) مباشرة من عناصرها الاولية ووجدوا انه لابد من اصل حى بناءا عليه يتم تخليق مادة حية من عناصرها الاولية!!( باتثناء محاولات ناجحة لتخليق فيروس شلل الاطفال polio virus معملياً laboratorily غير ان الفيروس لا يعتبر مادة حية) هذا بالاضافة الى عجزهم عن اثبات حالة واحدة لتولد مادة حية من مكوناتها الاولية مباشرة و ليس بناءا على وجود مادة حية
سابقة فى الوجود
والذى يسمى بنظرية التولد التلقائى
Abiogenesis
وسقط ما يسمى بنظرية التولد التلقائى بالتجربة التى اجراها باستير و انشأ ما يسمى بنظرية الاصل الحيوى للاشياء الحية
قلت: و المادة الحية (protoplasm ) لا شك حادثة أى كانت بعد الم تكن لانها مركبة لكن ثمة عنصر غائب لا يعلمه علماء الحياة لازم وضرورى لتخليق مادة حية من عناصرها الاولية مع اقراراهم انه لم يعد هناك تخليق لمادة حية فى الكون من عناصرها الاولية وان ذلك كان فى الماضى
السحيق!!
هذا بالاضافة الى ان العشوائية والصدفة لا تفسر وجود المادة الحية المعقدة التركيب المؤدية للوظيفة وكذلك التناسق بين اعضاء وأنسجة الكائنات الحية عديدة الخلايا من ناحية الوظيفة )وهذا يطول بسطه غير أنه لا يخفى عمن له علم وبعض إلمام والانسان وقف على بيان بعض العلل الغائية من حدوث بعض الظواهر الكونية والحيوية وجهله لتفسير العلة الغائية للبعض الاخر لا يعنى انتفاء العلة الغائية من وراءها فلا يلجأ الانسان نتيجة جهلة للوقوع فى وحل القول بالصدفة والعشوائية فتلك مهزلة واستخفاف وسخافة فى العقول والاطمئنان لذلك يعرقل خُطى البحث العلمى(
بدليل الحقيقة التجريبية Biogenesis
(الاصل الحيوى للأحياء (
اليس هذا برهان و دليل دامغ على ان هناك خالق مطلق القدرة كلى العلم وراء حدوث هذا الكون و ظهور الحياة على سطح كوكبنا الذى نعيش عليه؟!!
______________
استطراد منقول عن موقع المشكاة الاسلامية
دلالة التصميم على وجود الخالق:
الأدلـة عـلى أن للـكون خـالقاً كثـيرة؛ لكـن مـن أشـهرها مـا يسمى بالدليل الكوني ودليل العناية. أما الدليل الكوني ففحواه أن الشيء الحادث لا يمكن أن يخلق نفسه ولا أن يأتي من العدم، بل لا بد أن يكون له صانع من غير نفسه، وأن هذا الصـانع لا بـد أن يكـون غـير حادث. المنـكرون لوجـود الخالق لا يستطيعون أن يفسروا وجود الكائنات الحادثة إلا بأن يقعوا في أحد الخيارين المستحيلين: إما أن يقولوا إن الشيء خلق نفسه، أو يقولوا إنه جاء من العدم.
أما دليل العناية الذي اعتمد عليه صاحب كتاب (الصندوق الأسود) فدليل قديم ومعروف، فحواه أن في الكون تصميماً يدل على أنه لا يمكن أن يكون خَبْط عشواء وإنما هو تقدير خالق حكيم. هذا التصميم أمر يدركه كل متفكر في الكون وليس قاصراً على الأمثلة التي استدل بها صاحب الكتاب. إن هنالك شمساً، وهنالك بحراً، وهنالك سحاباً، وهنالك أرضاً، وهنالك بشـراً، وهنـالك حيـوانات يقـول لك الدلـيل الكونـي إنه لا بـد أن يكون لها خالق أزلي(وقد سبق بسط الكلام على هذا الامر فى رسالة سابقة بعنوان كيف يرد على اهل الالحاد فمن اراد الرجوع اليها يمكنه ذلك من خلال البحث المتقدم عنها على موقع المجموعة)، ويقول لك دليل العناية إن هذه المخلوقات منسقة بحيث تؤدي إلى غايات لا يمكن أن تكون قد جاءت بالمصادفة. فالشمس تسطع على البحر فيرتفع منه بخار يتحول إلى ماء تسوقه رياح ينزل على أرض خصيبة تنبت نباتاً يأكله بشر وتأكله حيوانات يكون بعضها غذاء لبعض. المنكرون لوجود الخالق من أمثال بعض الدارونيين يعترفون بهذا لكنهم يصرون على انه جاء مصادفة ولم يأت عن تدبير. ويغلو بعضهم في هذا إلى درجة سخيفة. من ذلك أن عالم دين مسيحى اسمه (بالـي) كـان قد كتـب كتـاباً نقـد فيـه فـكرة المصـادفة وقال: إن وجود هذا التصميم في الكون بالمصادفة كساعة يصنعها صانع أعمى. فكتب رجل من أكبر دعاة الإلحاد الدارويني في أيامنا كتاباً أسماه (صانع الساعات الأعمى) يدافع فيه عن فكرة المصـادفة ويـزعم فيـه أنـه وإن كـان الكـون مصمماً كالساعة فإن تصميمه جاء بالمصادفة فهو كساعة صنعها صانع أعمى!
كتاب الله ـ تعالى ـ مليء بتوجيه الأنظار إلى هذا التصميم الذي يشهد لصانعه بالحكمة والإرادة بل والرحمة بعباده. في مثل هذا التذكير لا يلفت القرآن الكريم الأنظار إلى عجيب صنعه في المخلوق الواحد، وإنما يدعو إلى النظر في العلاقة بين عدة مخلوقات، وكيف أنها علاقة تؤدي إلى نتائج معينة هي في مصلحة الإنسان. من ذلك قوله ـ تعالى ـ: {.إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)
وقوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)
وغير ذلك ما يطول ذكره
وكذلك قوله فى صفات المؤمنين: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191
وقوله تعالى : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (