الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، أما بعد :
فهذه فائدة من كلام الإمام ابن تيمية في سنة الله في المستهزئين الذي يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكن المؤمنون من عقابهم ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول ص164:
و من سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ، ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ، و يكفيه إياه ، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكاتب المفتري ، و كما قال سبحانه : { فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
و القصة في إهلاك الله واحدا واحدا من هؤلاء المستهزئين معروفة قد ذكرها أهل السير و التفسير و هم على ما قيل: نفر من رؤوس قريش : منهم الوليد بن المغيرة ، و العاص بن وائل ، و الأسودان ابن المطلب و ابن عبد يغوث ، و الحارث بن قيس .
و قد كتب النبي صلى الله عليه و سلم إلى كسرى و قيصر ، و كلاهما لم يسلم لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه و سلم ، و أكرم رسوله = فثبت ملكه ، فيقال : إن الملك باق في ذريته إلى اليوم .
و كسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و استهزأ برسول الله صلى الله عليه و سلم = فقتله الله بعد قليل ، و مزق ملكه كل ممزق ، و لم يبق للأكاسرة ملك .
و هذا و الله أعلم تحقيق لقوله تعالى : { إن شانئك هو الأبتر } فكل من شنأه ، و أبغضه ، و عاداه = فإن الله يقطع دابره ، و يمحق عَينه و أثره .
و قد قيل : إنها نزلت في العاص بن وائل ، أو في عقبة بن أبي معيط ، أو في كعب بن الأشرف ، و قد رأيتَ صنيع الله بهم
و من الكلام السائر: " لحوم العلماء مسمومة " فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام ؟!
و في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة " .
فكيف بمن عادى الأنبياء ؟ و من حارب الله تعالى حُرِب ، و إذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء ، و قابلوهم بقبيح القول أو العمل ، و هكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة ، و باءوا بغضب من الله ، و لم يكن لهم نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق مضموما إلى كفرهم ، كما ذكر الله ذلك في كتابه ، و لعلك لا تجد أحدا آذى نبيا من الأنبياء ، ثم لم يتب إلا و لابد أن تصيبه قارعة ، و قد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و بلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة ، و هذا باب واسع لا يحاط به ، و لم نقصد قصده هنا ، و إنما قصدنا بيان الحكم الشرعي
منقول